15) ولا الليل سابق النهار

تأملات قرآنية - ولا الليل سابق النهار
               فضلاً أنشر الموضوع عبر الواتساب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فلق الصبح وأناره ، وأغطش الليل ضُلمةً وستاره ، وجعل النور للخلق منارة ، وكَسَى الظلام هيبتةً ووقاره ... هو القائل في محكم آياته الكريمة ( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان ) علم الإنسان استبيان ما وُضِعَ له في القرآن من علامات يستدل بها على اسرار الكون وكل علومه ... وصَلِّ اللهم على نبينا الهادي الأمين ، سيد الخلق أجمعين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الغر المحجلين ، وعلى كافة أنبيائك ورسلك أجمعين .. اللهم آمين 
أما بعد 
فلو نظرنا نظرة { تأملٌ } بتأني وهدوء في قول المولى العظيم سبحانه وتعالى في سورة يس  وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ) وأمعنا النظر في الآيات الأربع الأوليات من سورة الشمس وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ) .. ثم قارنا ذلك بقوله سبحانه وتعالى في الآيتين الأوليين من سورة الليل وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ ) ، لخرجنا من تأملنا ذلك بسؤال على قدرٍ عظيم جداً من الأهمية .

- عندما خلق الله الزمن وقدّر أن يكون اليوم من شقين ( نهار وليل ) فبأيهما جعل البداية وبأيهما جعل النهاية ..؟ أي هل الليل هو أول اليوم والنهار آخره كما هو معمول به في زماننا هذا حيث يبتدء اليوم الجديد من لحظة انتصاف الليل ..؟ أم أن اليوم الجديد يبتدئ مع تباشير الفجر الأول كما جاء في تشريع الصوم في رمضان بتحديد اليوم الجديد مع بيان الخيط الأبيض من الأسود من الفجر ..؟  

لمعرفة جواب ذلك السؤال وإدراك حكمة الله فيه يجب أن {نتفكر} في الآيات الكريمات من باب المفهوم المنطقي لها .. 

بماذا تمايزت الآيات الكريمات السابقات عن بعضها البعض وبماذا اشتركت ..؟

من باب التمايز نجد أن كَلِمَتَيْ ( سابق و تلاها ) في الآية من سورة يس والآية من سورة الشمس اللتان تختصان بالترتيب الزمني : فكلمة السابق تقصد بالذي جاء سابقاً متقدما على ما بعده بترتيب زمني ، يقال في اليوم السابق ذهبت إلى السوق . وبذلك يتضح للسامع بأن هناك يومان في اليوم الأول منهما ذهب المتحدث إلى السوق ثم جاء بعده يوم آخر أو أيام أُأخر . وبذلك جائت كلمة السابق للترتيب الزمني . بالتتالي والتراتب
وكذلك الحال بالنسبة للكلمة ( تلاها ) فالتلو هو الشخص أو الشيء الذي يتبع ما سبقه بترتيب زمني ، يقال في اليوم التالي ليوم ذهابنا إلى السوق صلينا الجمعة . وبذلك يتضح للسامع بأن اليوم السابق هو يوم الخميس وأن اليوم التالي هو يوم الجمعة . وبهذا جائت كلمة التالي للترتيب الزمني أيضاً . بينما افتقر المقطع الآخر من سورة الليل لأي نوع من أنواع الترتيب الزمني غير انه جاء بترتيب النطق في سياق السورة وذلك ترتيب لا يعتد به في واقع الحال لأنه قد وضع فيه ( واو العطف = واو المعية ) في سياق القسم ، مثال ذلك ( والله والعظيم لأفعلن كذا وكذا ) حيث يفهم السامع بأن المتكلم قد أقسم قسما مضاعفاً بالله وبالعظيم معاً ، وذلك بعكس التتابعية كما في المثال التالي ( والله ثم والعظيم لأفعلن كذا وكذا ) فواو المعية في القسم الأول جائت بإسمين للمولى جل جلاله وهما "الله والعظيم" وجمعت القسمين بهما في إطارٍ واحد ، وتلك الصيغة في القسم المركب لا تكون بهدف الترتيب الزمني 

أما من باب التوافق فقد وجدنا أن الآيتين الثالثة والرابعة في سورة الشمس قد اتفقت مع الأيتين الأوليين في سورة الليل في ( إذا ) وإذا تعني تحديد شرطي إما بحدث زماني أو بحدث مكاني فقول المولى سبحانه ( والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها ) تتشابه مع قوله سبحانه ( والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى ) بأنهما أقسام زمنية وبأنها أقسام مشروطة بحدث ... فقسم الله بالنهار مشروط بحدوث فعل التجلي وهو لحظة انجلاء ظلمة الليل بشعاع ضوء الفجر الأول . وقسم الله بالليل مشروط بتغشي ظُلمة الليل على ضوء النهار مع بزوغ الشفق الأحمر قبيل المغرب . 

وبذلك يتضح لنا منطقيا أن التوافق الذي جاء في القَسَمَيْن بين آيتي سورة الشمس وآيتي سورة الليل ليسا بهدف الترتيب الزمني إنما جاء بهدف التحديد اللحظي للبداية والنهاية لكل من آيتي النهار والليل ، والسبب في ذلك لأن هذا التوافق جاء مشروط بتحديد لحظة زمنية وليس بتحديد الآية الزمنية كاملة كما جاء في قوله سبحانه ولا "الليل" كُل الليل سابق "النهار" كل النهار .
وقد جائت حكمة الحكيم الخبير في هذا التمايز والتوافق بين الآيات الكريمة في سورتي الشمس والليل وسورة يس لتحديد البداية والنهاية لليوم وتحديد البداية والنهاية لكل آية من آيتي النهار والليل ولتحديد منتصف اليوم وبذلك تكون كالجملة التالية ( الشمس آية النهار وعينه المبصرة بنورها والقمر آية الليل وعينه الرامشة والقمر يأتي بعد الشمس في تراتب زمني محدد وبالتالي فإن النهار يأتي بالتجلي والظهور والليل يأتي بالتغشي والغمور وإن النهار هو بداية اليوم الزمني المحدد فيما سبق بالقسم المشروط بتباشير الفجر ومنتصف اليوم ببداية الليل مع بزوغ الشفق الأحمر قبيل المغرب )

((( إذاً فإن أذان الفجر هو الإيذان ببداية يوم جديد ونهاية يوم سابق ، وأذان المغرب هو الإيذان بذهاب منتصف اليوم وقدوم منتصفه الثاني )))

ومن هذا المنطلق فإننا يجب أن { نتدبر } ذلك في مسير أمور حياتنا ، فهل نحن فعلا نتبع النهج القرآني في الركن الأساسي الذي ترتكز عليه شئون حياتنا وهو الترتيب الزمني لليوم بداية ومنتصفاً ونهاية ..؟

بالتأكيد لا .. لماذا ؟
لأننا اتبعنا من وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم مغضوب عليهم لأنهم ظالون عن علم ومعرفة ، وظالون عن جهل لاتباعهم المغضوب عليهم .. فأصبحنا متبعون لظالون يتبعون مغضوب عليهم .. ولذلك نزل الهوان بنا والذلة .. حيث أن بني إسرائيل يعلمون ما تبينته في الآيات الكريمة السابقه ولكنهم حرفوه فجعلوا بداية اليوم مع منصف الليل وجعلوا منتصف اليوم مع منتصف النهار في تدليس واضح ، فأصبحانا بسبب اتباعنا لهم نبخس حق الله علينا في بعض عبادتنا مثل ( نقيم صلاة التراويح في الليلة السابقة ليوم رمضان وهذا خطأ فادح حيث أن رمضان لم يبتدئ بعد فلم نقوم بشعائر تخص رمضان في غير رمضان .؟ بينما ننقص من قيام رمضان ليلة وهي الليلة المتممة لرمضان والتي يقضونها المسلمون في احتفالات كان يجب أن تكون في نهار العيد وليس في ليلة المتمم لرمضان .

ولكي نكون على الصراط المستقيم الذي ندعوا الله في كل صلاة وفي كل قراءة لسورة الفاتحة أن يهدينا إليه ، يجب أن نستمسك بالعروة الوثقى ( القرآن الكريم ) وأن لا نسير كالبهائم التي تتبع راعيها خلف بني اسرائيل ونحن نعلم علم اليقين أن الله قد لعنهم كما لعن ابليس فهم مع ابليس في نفس الكفة وهم أتباع الأعور الدجال ، إذ يجب أن نعود إلى تحديد اليوم ببدايته مع أذان الفجر ومنتصفه مع أذان المغرب كما كان أجدادنا يفعلون فإنهم ورب السماء لعلى حق مبين من واقع كلام رب العالمين ، هذا وصلوا وسلموا على الهادي الأمين ... اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحبه الغر المحجلين وعلى كافة أنبيائك ورسلك أجمعين .. اللهم آمين ( والحمد لله رب العالمين )

* معلومه : اليوم ليس 24 ساعة كما يدعي اليهود .

الباحث : خالد بن عايض الأسمري


  • الطباعة والحفظ
    Print Friendly and PDF

.

أبواب تدخلك في حُب الله .. وأبواب تخرجك من حُب الله

أكبر خدعة في التاريخ : انتقال الأعور الدجال .. حقيقة أحداث 11 سبتمبر 2001م

الإيمان طريق النجاح

الاثنين 28 / 10 / 1440هـ ( يا آكلين الربا .. سيلعنكم أبناؤكم واحفادكم وأبناؤهم إذا ذٌكِر أمامهم هذا النعيم الذي تعيشون فيه اليوم وهم في ضنك عيش وبؤس بسبب ما تفعلونه اليوم من حرب على الله )

قبل أن تغرق بكم السفينة

بصمات أصابع الأعور الدجال على فتنة خاشقجي

رسالة إلى شعب الجزيرة العربية في اتحادكم قوّة ترهب الأعداء ... فلا تتفرقوا