8) ثلاث فُرَصٍ من الله لإبليس ليتوب قبل اللعنة

تأملات قرآنية - ثلاث فرص من الله لإبليس ليتوب قبل اللعنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كما يجب ، والصلاة والسلام على المبعوث بلسان العرب ، محمد الهادي الأمين وعلى كل من اصطحب .. وعلى كافة أنبياء الله ورسله أجمعين ... آمين

فقد قال جل من قائل كريم ...

بسم الله الرحمن الرحيم :(( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ  ))   <--- الإنذار والفرصة الأولى

وكانت هذه الفرصة الأولى لابليس ليتوب ويرجع إلى الله دون أن يعلم أحد من خلق الله ( أي بستر تام وبسرية مطلقة ) إذ أنه لا يحتاج في هذه الفرصة إلا أن يتوب بقلبه فقط بدون أن يحرك أي جارحة من جوارحه أو عضو من أعضائة ... ( فعلٌ بالقلب فقط )

ثم قال سبحانه وتعالى :((  أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  ))  <--- الإنذار والفرصة الثانية

أما في هذه الفرصة .. وهي الفرصة الثانية لابليس ليتوب ويرجع إلى الله .. وأيضاً دون أن يعلم أحد من خلق الله ( أي بستر تام وبسرية مطلقة ) حيث أن ابليس لا يحتاج في هذه الفرصة إلا أن يتوب بلسانه وقلبه فقط .. فيقول [ سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العزيز الحكيم ] كما قالته الملائكة .. إذ تم إضافة جارحة اللسان إلى النية فقط ، وأيضاً بدون أن يحرك عضو من أعضائه ... ( فعلٌ بالقلب + قول باللسان )

ثم قال سبحانه وتعالى :((  وإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا  ))  <--- الإنذار والفرصة الثالثة

أما في هذه الفرصة .. وهي الفرصة الثالثة لابليس ليتوب ويرجع إلى الله .. وأيضاً دون أن يعلم أحد من خلق الله ( أي بستر تام وبسرية مطلقة ) ولكن يجب عليه أن يقوم بالتوبة بأركانها الثلاثة { 1. النية ومقرها القلب 2. الإعلان بجارحة اللسان ومقرها الفم  3. تأكيد الخضوع والتذلل بعبادة السجود ويحتاج للأعضاء السبعة لتنفيذ السجود } ( فعلٌ بالقلب + قولُ باللسان + أداء بالأعضاء )

هذه ثلاثة فرص أعطاها الله جل من حكيم خبير لإبليس لعله يعود عن عصيانه الغير مُعْلًن ولكن إبليس آثر العصيان والإستمرار في الغيّ على الرجوع إلى الله التوبه من خطيئته العظمى  ... 

قال تعالى :((  إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ  )) ثم أضاف سبحانه وتعالى :((  وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ  ))

وكلمة كان تعني أنه حدثٌ ماضي .. أي ان ابليس كان قد بيّت نية الكفر من قبل فكان من الكافرين قبل أن يعطية الله سبحانه وتعالى هذه الفرص الثلاث ...

 

المُــسْـتـفـاد من ذلك :- 

1 . أن الله جل في علاه قد وهب لأبليس ثلاث فرصٍ للتوبه 

2 . إن الله ستّار يحُب الستر على عباده ، حيث أن الله لم يفضحه برغم كفره ، ولكنه إبليس هو من فضح نفسه وكشف أمر نفسه وكفره ...

3 . إن الله رؤوفٌ بعباده ، فقد مهّد لأبليس في الفرص الثلاث ليتوب مع الملائكة ليجنبه ذل الهوان والإحراج . ففي الفرصة الأولى مهّد الله له التوبة بالنيّة فقط ، ثم مهّد له في الفرصة الثانية التوبة بالنيّة والقول مع الملائكة  سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ  ) . ( لاحظ هنا بأن الفرصة الثانية تحتاج لماهو أكثر من مجرد نية صادقة كما في الفرصة الأولى

4 . إن الله هو القادر فوق عبادة وهو الحكيم الخبير ، فقد أمر الملائكة المخلوقون من نور الله سبحانه وتعالى بأن يسجدوا لآدم المخلوق من طين الأرض اللازب ( وفي ذلك حكمة عظيمة سنأتي على ذكرها لاحقاً بإذن الله تعالى ) .. وهنا الفرصة الثالثة والأخيرة لأبليس ليتوب وهي تقتضي فعلا بالجوارح ، على عكس الفرصة الثانية التي لاتقتضي سوى القول ، وعلى عكس الفرصة الأولى التي لم تكن تقتضي من ابليس سوى النية فقط .

إن الله غالب على أمره ولكن أكثر الخلق لايدركون ذلك ، إذ أن ذلك مُقَدرٌ مكتوب في أقدار الله قبل خلق الخلق  فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  )

💠💠💠💠💠💠💠

والآن نأتي للتقرير الإلاهي عن حال ابليس ..  أنه من قبل أن يظهر عصيانه علناً كان مبطناً كفره في سريرة نفسه معتقداً بأن الله لن يعلم بما داخل نفسه المريضة  .. وفي هذا جواب السؤال الذي يدور في بعض الأخلاد عن مفهوم  قول الله جل في علاه :((  إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ  )) .

- ماهو ذلك الشيء الذي يعلمه الله سبحانه وتعالى ولا يعلم به الملائكة في هذا الشأن تحديداً ، ويقول للملائكة أنكم لا تعلمونه ..؟  وكأنه يقول لملائكته سبحانه وتعالى سوف انبئكم بأمر لم تكونوا تعلمونه .. فقال سبحانه وتعالى   إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ  ) ..؟

وعندما انتهى من حواره سبحانه وتعالى  مع ابليس وأعلن ابليس عصيانه لله  وبان كفره ..  قال الله سبحانه وتعالى لملائكته الكرام  :((  أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ  )) .

إذاً نستنتج  من هذا الموقف بعض الأمور وهي :-

1- أن الحكمة الإلهية من وجود آدم عليه السلام وذريته لها أسباب عِدَّة ومنها كشف وبيان كُفْر ابليس 

2- أن الحكمة من وجود آدم عليه السلام وذريته أيضاً هو اثبات أن العِلْم المُطْلَق لله وحده يؤتيه من يشاء من عباده ، فلا ينبغي لأحد إدعاء العلم ونسبته لنفسه إذ أن كل العلم والمعرفة هي لله وحده يؤتيها من يشاء ، ولا يجب أن يقول أي أحدٍ من خلق الله ( لقد "عَلِمْتُ" .. بل يجب أن ينسب العلم لصاحب العلم ويرجع الفضل لصاحب الفضل ، فيجب أن يقول "عَلَّمَني ربي" ).

3- أن الحكمة من وجود آدم عليه السلام وذريته أيضاً اثبات أن الزمن هو الله فهو حاضر في كل زمن فهو في كل الماضي في نفس اللحظة الحاضرة وهو أيضا في نفس اللحظة في كل المستقبل فهو الماضي والحاضر والمستقبل في كل لحظاته .. وهل يقدر على ذلك غير الله ..؟ ( نجد ذلك في حرف واو المعية في قوله سبحانه :((  ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا  )) فجمع سبحانه بين زمانين مختلفين ومكانين  مختلفين في آن واحد وفي مكان واحد حيث أنه كان يخاطب الملائكة في مكان ويعلم ويخاطب جسد أبونا آدم عليه السلام في مكان آخر.

هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وعلى كافة أنبيائك ورسلك أجمعين وسلم تسليماً كثيرا ، والحمد لله رب العالمين ...

  • الطباعة والحفظ
    Print Friendly and PDF

.

أبواب تدخلك في حُب الله .. وأبواب تخرجك من حُب الله

أكبر خدعة في التاريخ : انتقال الأعور الدجال .. حقيقة أحداث 11 سبتمبر 2001م

الإيمان طريق النجاح

الاثنين 28 / 10 / 1440هـ ( يا آكلين الربا .. سيلعنكم أبناؤكم واحفادكم وأبناؤهم إذا ذٌكِر أمامهم هذا النعيم الذي تعيشون فيه اليوم وهم في ضنك عيش وبؤس بسبب ما تفعلونه اليوم من حرب على الله )

قبل أن تغرق بكم السفينة

بصمات أصابع الأعور الدجال على فتنة خاشقجي

رسالة إلى شعب الجزيرة العربية في اتحادكم قوّة ترهب الأعداء ... فلا تتفرقوا